خبّاب بن الأرت بن جندلة التَّميمي وكنيته أبو يحيى وقيل أبو عبد الله صحابي من السابقين إلى الإسلام، فأسلم سادس ستة، وهو أول من أظهر إسلامه، وكان قد سُبيَ في الجاهليـة، فبيع في مكة ثم حالف بني زُهرة، وأسلم وكان من المستضعفين...
إسلامه
لقد كان خباب سيافا، يصنع السيوف ويبيعها لقريش، وفي يوم إسلامه جاء الى عمله، وكان هناك نفر ينتظرون فسألوه: (هل أتممت صنع السيوف يا خباب؟)... فقال وهو يناجي نفسه: (ان أمره لعجب)... فسألوه: (أي أمر؟)... فيقول: (هل رأيتموه؟ وهل سمعتم كلامه؟)... وحينها صرح بما في نفسه: (أجل رأيته وسمعته، رأيت الحق يتفجر من جوانبه، والنور يتلألأ بين ثناياه)...
وفهم القرشيون فصاح أحدهم
من هذا الذي تتحدث عنه يا عبد أم أنمار؟)... فأجاب: (ومن سواه يا أخا العرب، من سواه في قومك يتفجر من جوانبه الحق، ويخرج النور من بين ثناياه؟)... فهب آخر مذعورا قائلا: (أراك تعني محمدا)... وهز خباب رأسه قائلا: (نعم انه هو رسول الله إلينا ليخرجنا من الظلمات إلى النور)...
كلمات أفاق بعدها خباب من غيبوبته وجسمه وعظامه تعاني رضوضا وآلاما... ودمه ينزف من جسده... فكانت هذه هي البداية لعذاب وآلام جديدة قادمة...
الاضطهاد والصبر
وفي استبسال عظيم حمل خباب تبعاته كرائد، فقد صبر ولم يلن بأيدي الكفار على الرغم من أنهم كانوا يذيقونه أشد ألوان العذاب، فقد حولوا الحديد الذي بمنزله إلى سلاسل وقيود يحمونها بالنار ويلفون جسده بها، ولكنه صبر واحتسب، فها هو يحدث: (شكونا إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو متوسد ببرد له في ظل الكعبة).
فقلنا: يا رسول الله ألا تستنصر لنا؟؟... فجلس -صلى الله عليه وسلم- وقد احمر وجهه وقال: (قد كان من قبلكم يؤخذ منهم الرجل فيحفر له في الأرض، ثم يجاء بالمنشار فيجعل فوق رأسه، ما يصرفه ذلك عن دينه!... وليتمن الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخشى إلا الله عز وجل، والذئب على غنمه، ولكنكم تعجلون)... وبعد أن سمع خباب ورفاقه هذه الكلمات، ازدادوا إيمانا وإصرارا على الصبر والتضحية...